وعلى الرغم من معاناة الكثير من البشر في أنحاء العالم نتيجة الظروف الراهنة، من قيود على الحركة والتنقل والسفر، وآثار اقتصادية نتيجة ظروف الغلق والحظر التى فرضتها الدول، وآثار سياسية وثقافية واجتماعية، وتوقف العديد من الأنشطة والفعاليات، والآثار النفسية لما تروجه وسائل الإعلام حول المرض، وأرقام الإصابات والوفيات، إلا أنه على الرغم من ذلك هناك فوائد أيضًا لا يمكن إنكارها، كتزايد التقارب الأسري نتيجة إجراء الحجر المنزلي، والتفاف أفراد الأسرة معًا، وعلى المستوى العالمي زاد الشعور بالحاجة إلى التضامن بين البشر في مواجهة ذلك العدو الشرس فقد سقطت مقولة الخلاص الفردي، وبات الحل يكمن فى تلاحم وتضافر الجهود من أجل إيجاد علاج أو لقاح لذلك الوباء المميت.
ومع اجتياح فيروس كورونا وتسببه بآلاف الإصابات وحالات الوفيات على مستوى العالم، قامت دول العالم بتبني وتطبيق الإجراءات الاحترازية للتصدى لانتشاره السريع، وتضمنت تلك الإجراءات الغلق الكلي أو الجزئي للمدارس والجامعات، وفرض حظر التجول على المواطنين، وتقييد حرية الانتقال والخروج من المنازل والسفر، والالتزام بقواعد التباعد الاجتماعيSocial Distancing .
ويبدو أنّ ظهور فيروس كورونا ما هو إلا آخر جرس إنذار من بين تلك الأجراس التي أطلقتها كلّ الدعوات السابقة والرّاهنة، من فلسفيّة وسوسيولوجيّة وأنثروبولوجيّة وبيئيّة وغيرها، إلى ضرورة أنسنة العالَم، والتي لم تكُن قد لاقت إلى الآن آذاناً صاغية – على الرّغم من تنوُّع مَصادرها واتّجاهاتها -، … إلى أن نُكِب العالَم بوباء كورونا أو Covid-19، الذي قد يقود إلى تشكيل وعي عالَميّ جديد ربّما يكون، في حال نجاحه، قد حقَّق انتصار ثورة الطبيعة على ثورات البشر التي عرفها القرن الحادي والعشرون.
وفى عصر كورونا وما بعدها، تزداد الحاجة إلى دراسة الأوضاع والظروف الحالية وكيفية التعامل مع الآثار المترتبة عليها من قبل مختلف العلماء والباحثين والمتخصصين، لمناقشة تأثيرات ذلك العصر على الأسرة وأفرادها، وكيفية مواجهة الآثار السلبية لتلك الجائحة واستشراف سيناريوهات المستقبل حتى تتحول تلك المحنة إلى منحة.
ومن أجل تأسيس التواصل والتفاعل بين الثقافات المختلفة وتشكيل مجتمع علمي يضم باحثين من المجالات والتخصصات المعرفية؛ إضافة لمعالجة المشاكل الحضارية المشتركة، فإنه يسعد المركز الدولي للإستراتيجيات التربوية والأسرية دعوة الباحثين والمهتمين والخبراء إلى المشاركة فى المؤتمر الدولي “الأسرة في زمن الكورونا: الفرص والتحديات” .
ومن هذا المنطلق ندعو جميع المهتمين من باحثين أكاديميين أساتذة جامعيين، وكل المهتمين بحقول المعرفة الانسانية والاجتماعية المساهمة في تخطيط رؤية مستقبلية لبناء منحى إنساني في مجال تكامل العلوم لخدمة الإنسان والمجتمعات البشرية.